وزارات يمكن أن يكون لها دور في سوريا
سوريا تخطو نحو مستقبل جديد: مطالب الشارع وآليات تحقيق العدالة الانتقالية

مرّ أكثر من شهرين على سقوط نظام الأسد، في خطوة تاريخية أطاحت بصفحة عائلة حكمت سوريا لأكثر من نصف قرن. ومع استعداد البلاد لإعلان حكومة انتقالية في مطلع آذار المقبل، تواجه سوريا تحديات جسيمة تتطلب حلولاً استراتيجية شاملة لبناء دولة جديدة تقوم على أسس العدالة الانتقالية والسلم الأهلي.
تحديات المرحلة الانتقالية
الشهرين الماضيين كانا مليئين بالتحديات الأمنية والمعيشية داخل سوريا، بالإضافة إلى التعقيدات الإقليمية والدولية التي فرضتها مرحلة ما بعد سقوط النظام. مع انهيار منظومة الفساد وملاحقة رؤوس الإجرام، ينتظر السوريون خطوات عملية تعكس هذا التغيير على أرض الواقع، خصوصاً فيما يتعلق بتحسين الخدمات الأساسية والظروف المعيشية.
مطالب الشارع السوري
في استطلاع أجراه موقع “تلفزيون سوريا”، تباينت مطالب السوريين بين الجوانب الأمنية والاجتماعية والاقتصادية. بينما ركز البعض على محاسبة القتلة وكشف مصير المعتقلين والمختفين قسرياً، طالب آخرون بتوفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والتعليم. وفيما يلي أبرز الأجسام الحكومية المقترحة لتحقيق هذه المطالب:
وزارة شؤون الشهداء وذويهم
منذ الأيام الأولى للثورة السورية، استهدف النظام المتظاهرين السلميين بشكل ممنهج، مما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف. وفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، قُتل أكثر من 202 ألف مدني بين عامي 2011 و2024، بينهم آلاف الأطفال والنساء.
تتولى هذه الوزارة مسؤولية:
- تقديم الدعم المادي والمعنوي لأسر الشهداء.
- تقديم تعويضات مالية وإعادة تأهيل المجتمعات المتضررة.
- توثيق قصص الشهداء وتنظيم أنشطة تكريمهم لحفظ ذاكرتهم الوطنية.
- ضمان تحقيق العدالة الانتقالية من خلال برامج تدعم النسيج الاجتماعي وتعزز السلم الأهلي.
وزارة التحقيق في المغيبين والمختفين قسرياً
مارس النظام سياسة الاعتقال التعسفي منذ بداية الثورة، حيث اعتقل مئات الآلاف وزج بهم في معتقلاته دون محاكمات عادلة. ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اختفاء 96,321 شخصاً قسرياً، بينهم آلاف النساء والأطفال.
مهام هذه الوزارة تشمل:
- التحقيق في قضايا الاختفاء القسري وإيجاد حلول قانونية لتوثيق المفقودين.
- متابعة ملفات المحاكم المحلية والدولية لملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم.
- توفير العدالة لأسر المفقودين وضمان محاسبة مرتكبي هذه الجرائم كجزء أساسي من العدالة الانتقالية.
وزارة إعادة اللاجئين والمهجرين
يقدر عدد اللاجئين والنازحين داخلياً بأكثر من 12 مليون سوري، هُجّروا قسرياً نتيجة سياسات التغيير الديموغرافي التي مارسها النظام وحلفاؤه الإيرانيون والروس.
تتولى هذه الوزارة:
- التنسيق مع المنظمات الدولية والدول المجاورة لإعادة اللاجئين والمهجرين.
- توفير الدعم اللازم لإعادة توطينهم في بيوت لائقة مؤقتة أو دائمة.
- تسجيل مشكلاتهم وحلها بالتعاون مع الدول المستضيفة.
- تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في سوريا والدول التي تستضيف اللاجئين.
وزارة إعادة الإعمار
دُمِّرت مدناً كاملة في سوريا بشكل ممنهج، باستخدام كل أنواع الأسلحة. تسببت الحرب في انهيار البنية التحتية، بما في ذلك الكهرباء والماء والاتصالات والطرق.
تُعنى هذه الوزارة بـ:
- إعادة بناء البنية التحتية من خلال مشاريع تنموية تشمل الإسكان، الكهرباء، المياه، الطرق، والمستشفيات والمدارس.
- وضع خطط استراتيجية لجذب المستثمرين العرب والأجانب بالتعاون مع وزارات الاقتصاد والخارجية.
- استقطاب الخبراء السوريين في الخارج لنقل تجاربهم وخبراتهم إلى سوريا الجديدة.
وزارة السلم الأهلي
عمل النظام على تطييف المجتمع السوري وبناء حواجز بين مكوناته، مما أدى إلى انقسامات عميقة بين السوريين. رغم الجراح الكبيرة التي خلفها النظام، فإن معركة “ردع العدوان” فتحت الباب أمام إمكانية تحقيق السلم الأهلي.
تهدف هذه الوزارة إلى:
- تعزيز المصالحة الوطنية بين مختلف الطوائف والشرائح الاجتماعية.
- تحقيق التعايش السلمي بعد سنوات طويلة من الحرب.
- بناء الثقة بين السوريين من خلال جلسات حوارية ومساحات مفتوحة.
- تعزيز مفهوم المواطنة وتطبيق القانون في نهضة سوريا الجديدة.
وحسب مصادر موقع “خبر مباشر” تشكيل هذه الوزارات الخمس يعتبر خطوة أساسية لتحقيق العدالة الانتقالية والسلم الأهلي في سوريا. ومع التحديات الكبيرة التي تواجه البلاد، فإن العمل على تنفيذ هذه الخطط يتطلب تعاوناً وطنياً وإقليمياً ودولياً. إن بناء سوريا الجديدة يحتاج إلى جهود متضافرة لتحقيق العدالة، واستعادة الحقوق، وإعادة بناء ما دمرته الحرب، لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.